Friday, July 28, 2017

شرعية النظام السياسي العراقي منتهية الصلاحية

We offer the discussion by Dr. Faris Kamal Nadhmi, Professor of Psychology, Salahiddin University, Arbil, KRG, Iraq, and President, the Iraqi Association for Political Psychology with al-Quds newspaper in Jerusalem: "The Iraqi Political System has lost its Legitimacy"
  : القدس الاجتماعي فارس كمال نظمي ل «القدس العربي

لى موفّق: يذهب الباحث العراقي الدكتور فارس كمال نظمي، من موقع اختصاصه في علم النفس الاجتماعي إلى قراءة المشهد العراقي والتحولات التي يشهدها من منظار نفسي- سياسي- اجتماعي وليس من زاوية سياسية محضة. وما يهمه هو العمل على تفكيك «التوهمات» والظواهر في المجتمع العراقي لكي نفهمها كما حدثت وليس كما نعتقد أنها حدثت. 

في رأيه أن العراقيين كانوا ينتظرون بعد 2003 نمطاً من الحكم يجمع بين الحرية والعدالة الاجتماعية بعد عصر من الاستبداد، لكن الأمريكيين قاموا ببناء نظام «الأسلمة السياسية» ما أدى إلى تطاحن داخلي وإلى تفتت البلاد وغرقها في الطائفية والتطرف والفساد.
 
الأستاذ الأكاديمي رأى باكراً في سياق التحليل الاجتماعي، أن الاحتجاجات قادمة لأن الوعي السطحي بدأ يحل مكانه وعي معارض، وأصبح الفضاء العمومي في العراق مليئاً بمفردات الاستياء والغضب، والأهم أن الناس بدأت تفكر بالبديل المغاير، ومقتنعة أن الوضع الحالي انتهت مدة صلاحيته، وقد يطول لمدة إضافية لكنه غير قابل للاستمرار.

هو يرى أن التيار الصدري بدأ يخرج من إطار «الثيولوجيا» السياسية ويدخل في الإطار «الوطنياتي» العام، ولا يمكنه أن يستمر بالطريقة السابقة نفسها ويبقى ضمن التحالف الشيعي السياسي القائم، لأن وعي قواعد التيار تقدم إلى مستوى آخر، ما يعني أن العودة إلى خيار الطائفية السياسية من جديد قد يؤدي إلى حدوث انشقاقات كبرى داخله.
وهنا نص الحوار:
 
 ■ اشتغلتَ على الإسلام السياسي من منظور نفسي وعلى اليسار من منظور اجتماعي، هل أنت إسلامي أو يساري الهوى؟
 
■ أنا يساري الهوى، لكن ليس لدي ارتباط حزبي أو سياسي. توجهي الفكري ينطلق من فكرة اليسار كمفهوم اجتماعي أكثر مما هو سياسي. وربما هناك خلاف في العراق حول ما أكتبه أحياناً. 

كثير من الجهات التي يفترض أن تكون قريبة، تنتقدني لأنني أتحدث عن يسار ديني مثلاً، أو عن يسار اجتماعي أو عن «يساروية» كما أسميها. أنا أحاول أن أذهب بعيداً، وفي رأيي أن اليساروية الاجتماعية في العراق لا اليسار السياسي هي الأكثر تجذراً. أحاول أن أعيد النظر في المفاهيم التقليدية التي استخدمت على مدى عقود من الزمن. فالعراق مكان خصب لإعادة إنتاج المفاهيم وفق رؤى مستقاة من العلوم الاجتماعية. وأسعى إلى أن أقدم أفكاراً ومنظورات وليس آراء.
 
■ أطروحة الدكتوراه قدمتها سنة 2009 تحت عنوان الهوية الوطنية العراقية وعلاقتها بالاحتجاج، كيف استشرفت ذلك في وقت لم تكن كل تلك الظروف قد نضجت كما هي الحال اليوم؟
 
■ كان عندي تصور منذ 2005 و2006 بناء على المعطيات المستقاة من التحليل الاجتماعي، بأن الاحتجاجات قادمة. كنت أرى أن الوعي السطحي أو الزائف كما يُسمى بالتعبير الماركسي، بدأ يتراجع في العراق وينشأ مكانه وعي معارض، وأن الثقافة السياسية بدأت تتغير لدى الناس بعد أكثر من أربع عقود من الاستبداد والإنغلاق، وأن ثقافة الخضوع بدأت تتحول إلى ثقافة المشاركة والمساءلة والاستياء. هذه ظواهر نرصدها بشكل محايد على أنها مؤشرات إلى حدث قادم.
 
■ هل تعتقد أن المجتمع العراقي قادر على الخروج من الاصطفاف المذهبي الذي أضحى مهيمناً على طبيعة نظام الحكم منذ بنائه سنة 2003؟
 
■ سأتحدث من منظور اجتماعي تحديداً لأن هناك نظريات عدة في السياسة. توجد تصورات نمطية خارج العراق لما كان يحصل داخله، ولكني أعتقد وأنا عايشت لحظة 2003 وكنت استاذاً في جامعة بغداد، أن مسألة الهويات الإثنية لم تكن آنذاك طاغية في «المخيال» الاجتماعي. كان هناك شعور عام لدى العراقيين بأن عصر الاستبداد قد انتهى، وأن هذا العصر لم يكن ممكناً التخلص منه من دون وجود قوة مسلحة عنيفة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ولاسيما أنه لم تكن هناك معارضة قوية. 

كان العراقيون ينتظرون بعد 2003 نمطاً من الحكم يجمع بين الحرية والعدالة الاجتماعية، ولم يكن أحد يتحدث عن أحزاب إسلام سياسي أو يعرف من هي، إلاّ الندرة القليلة المختصة. كان في بال العراقيين من عامة الشعب أن رئيس الوزراء سيكون شخصاً ليبرالياً علمانياً وله توجه أمريكي.
 
هذا كان أمراً متعارفاً عليه واستمر منذ نيسان/ابريل وحتى تموز/يوليو 2003. ولكن يبدو لي أنه في هذه الفترة، اتخذت الإدارة الأمريكية قراراً آخر، هو إعادة بناء السلطة على نمط إثني سياسي. لم تذهب إلى خيار بناء حكومة انتقالية لثلاث أو خمس سنوات، رغم وجود مجلس خبراء شكّله الأمريكيون في حينه قبل أن يدخلوا العراق، إذ اختاروا مجموعة من نحو 150 شخصية خبيرة في كل الاختصاصات ليمثلوا مرحلة انتقالية ما بعد الاحتلال، لكن هذا المجلس أُلغي من قبل الحاكم الأمريكي بول بريمر، وذهبوا إلى فكرة مجلس حكم انتقالي من 25 شخصاً (13 شيعة و5 سنّة و5 أكراد وتركماني واحد، ومسيحي واحد) لم يتم اختيارهم على أساس الكفاءة والخبرة، بل كانوا في غالبيتهم من دون أي خبرة وتمرّس في شؤون الدولة، ويفتقدون لفكر سياسي. في اعتقادي كان هناك قرار أمريكي بوجوب بناء سلطة على هذه الشاكلة، والناس في لحظة الفراغ السياسي يتماهون مع أي شيء يُقدم إليهم لأنهم بحاجة إلى أي إطار من الأمان. 

هي مسألة سيكو-سياسية، فقُدم للناس هذا الإطار وتمت عملية «تذكير» الناس بهوياتهم الإثنية وإعادة إنتاجها على المستوى السياسي. تلك الهويات الإثنية كانت موجودة في السابق على المستوى الديموغرافي لا السياسي.
 
■ في رأيك أن تلك المفاهيم الاثنية لم تكن متجذرة قبل 2003؟
 
■ لم يكن هناك مفهوم للشيعة بالمطلق أو السنّة بالمطلق داخل العراق قبل الاحتلال الأمريكي على الأقل. مثلاً مفهوم الشيعة (وكذلك السنّة) أنا أفرزه إلى ثلاثة عناصر: شيعة لاهوتية أو ثيولوجية (مراجع ومدارس)، وشيعة سياسية (الأحزاب المعارضة التي عملت لسنوات طويلة في الخارج) وهناك الشيعة السكانية أو الديموغرافية التي تجدين فيها الأفكار المتعددة والتنوع الثقافي. على سبيل المثال معظم الشيوعيين خرجوا من البيئة الشيعية. ما أقصده أنه توجد توهمات. وما حاولته طيلة هذه السنوات هو العمل على تفكيك هذه التوهمات. هناك من يرى أني قدمت شيئاً فيما يخص تفكيك هذه الظواهر كي نفهمها كما حدثت وليس كما نعتقد أنها حدثت، فالاعتقاد شيء والحقيقة العلمية شيء آخر.
 
أمريكا أتت إلى مجتمع كان ينتظرها ويعدّها محرراً، ولذا لم تحدث مقاومة داخل بغداد وانسحبت قوات النظام واختفت تماماً، ودخل الأمريكان وخرج الناس تأييداً لهم. في الأشهر الأولى كانوا ينتظرون، لم تكن هناك عملية «أثننة» للهويات، بل عملية بحث عن مُنقذ بعد سنوات من الحصار والجوع والفقر والمرض. 

الذي حدث أن الأمريكان قد أنتجوا ثلاث سرديَّات أو مرويَّات في مجلس الحكم، هي اليوم متحاربة. هذه السرديَّات استندت إلى ذاكرات تاريخية تمّ تفعيلها: ذاكرة الخلافة وذاكرة الإمامة، ذاكرة الشيعة وذاكرة السنّة، ذاكرة الكرد وذاكرة العرب، ذاكرة الأنفال وذاكرة المقابر الجماعية. الأمريكان هم من أسسوا علم الاجتماع السياسي ويعرفون كيف تعمل الهويات وكيف يمكن إعادة انتاجها. 

الهوية الديموغرافية يمكن أن تكون شيعية، سنية، مسيحية، صابئية، إيزيدية، كردية الخ… هذه الهويات أعيد أنتاجها أو فُعّلت على أنها هويات سياسية، أي تمّ اختراعها. التقنيات السياسية تستطيع أن تخلق في حالات الفراغ السياسي مثل العراق هذا النوع من المرويّات والسرديّات والهويات.
 
الشيعة الديموغرافية لم يكن لديهم هَمْ في تلك اللحظة أن يُعبّروا عن أنفسهم على أنهم الطائفة الأقوى، ولكن الأمريكيين سمحوا بوصول قادة الأحزاب السياسة الإسلامية خصوصاً الشيعية، والعراقيون فوجئوا بالقرار الأمريكي بتأسيس مجلس حكم على أساس إثنيات إسلاموية وليس طبقاً لإثنيات ديموغرافية. وهذا يحيلنا إلى التفكير الأمريكي التقليدي الذي يعتقد أن التجربة الأمريكية يمكن إعادة إنتاجها ثقافياً في أي بلد آخر. 

ما فعلوه في تلك اللحظة وأعادوا تكراره في لحظات 2008 و2010 و2014 التي كان ممكناً فيها إنقاذ الوضع، هو العمل بإصرار على تثبيت نظام «الأسلمة السياسية». واليوم وصلنا إلى أن البلد قد تفتت ويعاني من الطائفية والتطرف والفساد.
 
■ ولكن أنت تتحدث في كتابك الآخير عن «أفول الأسلمة وبزوغ الوطنياتية» هل فعلاً حصل تحول وكيف؟
 
■ لم تكن أحداث السنوات الأربع عشرة الماضية بين 2003 و2017 تتبع خطاً أفقياً، بل حدثت فيها مسارات متعرجة. في السنوات الست الأولى حصلت انتكاسة، عادت الناس إلى هوياتها ما قبل المدنية وبدأت تبحث عن تصنيفات ضيقة للذات الاجتماعية، ثم بدأ يحصل العكس مع مرور الزمن.
 
الحركة الاحتجاجية، التي انطلقت سنة 2010 اشتدّ عودها في السنوات الثلاث الأخيرة. وهي تمثل توجهاً جديداً هو توجه المجتمع وليس السلطة هذه المرة. فخلال السنوات العشر الماضية، حصل تراكم هائل في الحرمان، وحدث أيضاً إعادة اعتبار للهوية الوطنية، ضمن ديناميات الهويات، كإمكانية حل للخروج من الوضع المأزوم، فشكل ذلك بروزاً لمعطى جديد. كان هناك حرية تعبير وما زالت، وإن كانت غير مضمونة ولا يحميها القانون، كما نشأ إعلام حر ومجتمع مدني ومنظمات غير حكومية ومبادرات كثيرة، ما جعل الفرصة متاحة أمام المواطن العراقي أن يعتقد بشيء آخر جديد. 

هذا النموذج خلق بدايات لثقافة سياسية نسميها ثقافة الإستياء والغضب والمساءلة والمشاركة. طبعاً لم تصل إلى حد إمكانية أن تغيّر نظام الحكم غداً، لكنها نجحت إلى حد ما في أن تكون فاعلة. 

الفضاء العمومي في العراق أصبح مليئاً بمفردات الإستياء والامتعاض، والأهم أن الناس بدأت تفكر بالبديل المغاير، هي مقتنعة أن الوضع الحالي انتهت مدة صلاحيته، قد يطول لمدة إضافية لكنه غير قابل للاستمرار. هكذا كانت الناس تنظر أيضاً إلى الوضع في زمن صدام حسين. أخطر عوامل التغيير في التاريخ هي عندما تفقد السلطة أو النظام السياسي شرعيته بالكامل في أذهان الناس.
 
■ في رأيك هل الناس تعرف ما تريد من بدائل؟
 
■ الحركة الإحتجاجية مستمرة منذ تموز/يوليو 2015 وقد مضى عليها نحو 90 أسبوعاً ولم تتوقف. كل المؤشرات التي ظهرت من تفاعل الرأي العام والفعاليات الاحتجاجية التي حدثت والحراك الشبابي والمواقف الإيجابية للمجتمع الدولي المحايد نسبياً مثل الاتحاد الأوروبي، تدل أن الحدث الذي تمّ صنعه في 2003 لإنتاج هويات سياسية إثنية آنذاك، قد بدأت إعادة إنتاجه اليوم بكيفية أخرى. 

الهويات الديموغرافية نفسها سواء كانت الشيعية أو السنية وحتى الكردية وما بينها من هويات فرعية أخرى، يعاد إنتاجها اليوم على أساس توجهين: الأول بدأ يأخذ طابعاً طبقياً، إذ شرعتْ الناس تفكر وفقاً لثنائية الظالم والمظلوم والسارق والمسروق. والثاني أخذ يتضح عبر تكوين وعي سياسي معارض، وإنْ كان هذا الوعي لا يمكنه التحول بـ»رمشة عين» إلى سلوك سياسي.
 
توجد اليوم عناصر جديدة في البيئة السياسية العراقية، أبرزها تطور الثقافة السياسية ونشوء وعي معارض وتآكل شرعية النظام السياسي بشكل كبير في إدراكات الناس وليس في سلوكها. فكرة المستقبل باتت تُطرح الآن. 

السنوات العشر الماضية كانت جلّها سرديات لاهوتية مُتخيلة ماضوية أدت إلى تطاحن أهلي. اليوم هناك حوار مجتمعي حول مستقبل العدل وحرية التعبير في هذا البلد. أصبح الفضاء العمومي يمتلئ بآراء الناس. وهناك أمل بأن التغيير أمر وارد الحدوث.
 
■ هل التغيير في متناول اليد، بمعنى أن هناك حركة سياسية كافية لإحداث البديل؟
 
■ ليس في هذه اللحظة، ولكن الطريق قد بدأ. والفرز واضح، إذ انبثقت حركة احتجاجية ذات أساس مدني قوي. هي تتضمن أناساً علمانيين ومتدينين وحتى عرفانيين، كلهم يعملون على فكرة واحدة هي «المواطنة»، بالإضافة إلى اشتداد «النزعة العراقوية» عند أي حدث رياضي أو ما شابه، الأمر الذي يؤدي إلى نوع من التحفّز الداخلي بأن الهوية الوطنية العراقية تستحق الاحترام أكثر من أي هوية أخرى فرعية.
 
■ كم يحتاج هذا المسار من الوقت للنضوج؟
 
■ انتخابات 2018 باتت قريبة، وهناك اليوم نقاش كبير لدى التيارات الإصلاحية المدنية حول احتمال المشاركة، وما إذا هناك إمكانية لتشكيل ائتلاف فاعل ومؤثر، يمكن أن يحقق نقلة نوعية في تركيبة البرلمان المقبلة، بعد 14 سنة من وجود تركيبة برلمانية مقفلة على الإثنيات المتصارعة، تقاسمت كل ثروات البلد وأنتجت ما أنتجته من فساد باستثناء تشريع بعض القوانين القليلة الجيدة الذي حدث بتأثير المجتمع الدولي.
 
الاحتمال الآخر هو مقاطعة الانتخابات بالمطلق لصالح نشوء حركة معارضة خارج العملية السياسية. حتى السنة الماضية، لم يكن أحد يفكر بالخروج من العملية السياسية، لأن فكرة المعارضة لم تكن موجودة في التفكير العام. اليوم هناك تيار يتحدث عن ضرورة الخروج من كل العملية السياسية في الوقت الحاضر من دون رفع السلاح إنما بشكل سلمي، تحضيراً لانتخابات سنة 2022. في الحالتين لا يمكن التنبؤ بمسارات الأحداث تفصيلياً في هذه اللحظة.
 
■ المراقب يرى أن الرافعة الحقيقية للحركة الاحتجاجية هي تيار مقتدى الصدر، وبالتالي فهذا يعني الاتكاء على رافعة بتوجهات دينية؟
 
■ أعتقد أن كل الحركات السياسية هي في النهاية جسم اجتماعي ولا يوجد شيء جامد. انا أفهم التاريخ على أنه ليس حركة خارجية ظاهرية بل يجب العمل على الجزئيات وفهمها والتحكم فيها. العراق وضع معقد ومتداخل جداً، وعانى منذ 50 سنة من أزمات ثقافية وإيديولوجية وسيكولوجية فضلاً عن الأزمات السياسية والاقتصادية والحربية. راهناً، نحن بحاجة إلى تفكيك هذا الوضع. ما أراه أن جزءاً من التحالف الشيعي السياسي (أي التيار الصدري) بدأ يعيد إنتاج نفسه بحيث يمثل نزعة «عراقية وطنياتية» ويعزى ذلك جزئياً إلى نظرة الاستعلاء والاستصغار التي يُنظر بها إلى الصدريين داخل الإطار الشيعي السياسي. 

هذه النظرة ليست جديدة، إنما تنامت في السنوات الأخيرة بفعل عوامل طبقية نتيجة الحرمان والحيف المتزايد الذي يشعرون به، لاسيما أن الحركة الصدرية كانت منذ بداياتها حركة شعبية، ونتيجة تزايد الوعي بأن الزعماء الشيعة هم الذين أسهموا في سرقة شيعة العراق. التمايزات ذات الطابع الطبقي بقيت موجودة، وقاعدة التيار الصدري لم تتحول إلى طبقة وسطى ولم يسعفها أحد، كما لم يحدث تغيير في البنية السوسيو- اقتصادية للشيعة الديموغرافية بما يجعلهم على وئام مع الشيعة السياسية. كل الذي حدث أن أربع عشرة سنة من إعادة إنتاج الفقر والظلم والحرمان باتت تعطي اليوم طابعاً طبقياً و»عراقوياً» للحركة الصدرية، لأن المحروم عندما يُذكّر بمحروميته، فإنه يلجأ نفسياً إلى أقرب هوية توفر له القوة والهيبة.
 
ولذلك أرى أن الحركة الصدرية بدأت تخرج من إطار الثيولوجيا السياسية وتدخل في الإطار الوطنياتي العام. كمراقبين نقول: إذا كان هذا الأمر سيخلق حركة معارضة ويعمل على تفكيك الطائفية السياسة فليكنْ، أما إذا كان ذلك لن يستمر لأي سبب آخر، فكل حادث حديث.
 
■ في تقديرك هل يريد التيار الصدري الخروج فعلياً من المحاصصة والطائفية السياسية؟
 
■ لا يمكن للتيار الصدري أن يستمر بسياساته السابقة نفسها بأن يبقى ضمن الإطار التقليدي كتحالف شيعي سياسي يضم مجموعة أحزاب متمذهبة رئيسية، لأن الوعي السياسي لقواعد التيار قد تقدم إلى مستوى آخر. وبالتالي فإن العودة إلى خيار الطائفية السياسية من جديد قد يؤدي إلى حدوث انشقاقات كبرى داخله، وهو أمر تريد قيادة التيار أن تتجنبه لحرصها على أن تبقى تمارس التأثير على أتباعها. فهناك ضرورات مجتمعية وديناميات سياسية هي التي تخلق القرار. وإن أي تراجع عن الخروج من الطائفية السياسية سيؤدي إلى انتحار سياسي، وهم يدركون ذلك.
 
■ هل تشمل قراءتك السيكو- اجتماعية مختلف مكونات المجتمع العراقي، واقع المحافظات السنية وواقع الأكراد، أم أنها تركز أكثر على البيئة الشيعية؟
 
■ توجهي الأساسي أنني أشتغل فكرياً على العراق العربي وليس العراق الكردي، لأن الإطار الكردي يحتاج إلى تحليل منفصل، إذ توجد هناك ملامح لدولة قائمة وعناصر قومية ولغوية وتفاصيل تاريخية مختلفة عن بقية العراق. أما العراق العربي سواء المحافظات الجنوبية والغربية، فهو محط اهتمامي.
 
المناطق الغربية مرت بوضع «غير دولتي» إذ مضت ثلاث سنوات لا توجد دولة عراقية فيها. هناك احتلال من جماعات متطرفة، وتم تدمير البنى التحتية بشكل كامل. إذا كان سؤالك يتناول إمكانية وجود حراك مدني هناك؟ نعم، هناك إسلام سياسي في تلك المناطق. كل تلك المحافظات حُكمت إلى حين سيطرة تنظيم «داعش» في حزيران/يونيو 2014 من قبل جماعات سنية سياسية لديها تمثيل في البرلمان، وكانت أيضاً في حالة صراع في ما بينها على المصالح ولديها ارتباطات خارجية ودولية. وبالتالي في الإطار التحليلي العام، نحن أيضاً ضمن بيئة إسلام سياسي في المحافظات الغربية ذات الأغلبية السنية الديموغرافية. السلطة أو الجماعات الحاكمة المتنفذة في تلك المناطق لم تخرج في التصنيف الأكاديمي عن نطاق الدين السياسي. هم كانوا يستفيدون من تسييس الدين أو تسييس المناطقية في سبيل إعادة امتلاك الثروة والنفوذ والسلطة ولم يظهروا أي تفاعلات إصلاحية بشأن بناء دولة المواطنة. لم يستطيعوا خلال أربعة عشر عاماً أن يتحولوا من إسلامويين إلى إصلاحيين، أو يقدموا هيكلية أكثر ليبرالية في هويتهم السياسية، بما يمكن أن ينقلنا إلى وضع أفضل دون المرور في حروب وتطرف وربما احتلالات أخرى.
 
الجماعات السنّية السياسية تعاني من الأمراض نفسها التي تعاني منها الجماعات الشيعية السياسية، وهي إعادة إنتاج التطرف والإرهاب والفساد. في النهاية الإطار السوسيوسياسي العام ليس مختلفاً سوى أن المناطق السنّية ارتبطت بحركات أكثر عنفية لأسباب تتعلق بالتهميش السياسي الذي طال تلك المناطق.
 
■ هل قمت بدراسة معمقة لواقع البيئة السنّية والمراحل التي شهدتها كما فعلتَ في ما خص البيئة الشيعية، بحيث يمكن للمرء أن يفهم أكثر مكنوناتها ودينامياتها؟
 
■ أركّز على الإطار السيكوبوليتيكي العام للفرد العراقي. مجمل أبحاثي تتناول التنميط العام للوضع العراقي الحالي بوصفه أسلمة سياسية، وأنا أسميه بـ»التدين الزائف» دون تصنيفه بشكل منفصل إلى محور شيعي وآخر سنّي، مفترضاً وجود بنية نفسية موحدة للحدث السياسي. عالجتُ سابقاً ظاهرة تنظيم «الدولة الإسلامية» وكيف سوّق نفسه وكيف استطاع أن يسيطر على المحافظات الغربية. ذهبتُ إلى تفكيك شخصية الفرد العراقي بوصفها نتاجاً لعملية تزييف الدين وأسلمة السياسة في العراق. 

هذا هو التنميط العام، ولكن في السنتين الأخيرتين، ازداد تركيزي على الحركة الاحتجاجية الراهنة، لأنها بدأت تغيّر من خريطة العراق السياسية، وهو ما تضمنه كتابي الأخير «سيكولوجيا الاحتجاج في العراق: أفول الأسلمة… بزوغ الوطنياتية».










Wednesday, July 19, 2017

Dr. Faris Kamal Nadhmi - THE PSYCHOLOGY OF PROTEST IN IRAQ: From the Rise of Islamism to the Emergence of Nationalism

The New Middle East is pleased to publish a precis of an important new study by Dr. Faris Kamal Nadhmi, THE PSYCHOLOGY OF PROTEST IN IRAQ: From the Rise of Islamism to the Emergence of Nationalism

سيكولوجيا الاحتجاج في العراق 
أفولُ الأسلمة .... بزوغُ الوطنياتية
المؤلف: د. فارس كمال نظمي
دار النشر: دار سطور للنشر والتوزيع- بغداد
سنة الإصدار: 2017
عدد الصفحات: 179 صفحة.
 يتبنى فارس كمال نظمي في كتابه الجديد الفكرة القائلة أن نزعة الاحتجاج ظلت أمراً ملازماً لشخصية الفرد العراقي بسبب الطابع التأزمي المستمر للعلاقة بين الفرد والسلطة منذ تأسيس الدولة العراقية 1921م حتى اليوم.

ومع بدء حقبة الأسلمة السياسية 2003م، على يد الحاكم الأمريكي المدني للعراق، جرى امتصاص نزعة الاحتجاج المجتمعية، وإعادة إنتاجها هوياتياً لتتخذ مساراً عدائياً تفريغياً نحو "أعداءٍ" طائفيين وهميين، ولكن بحلول سنة 2010م، كانت قد انتهت مرحلة الاقتتال الطائفي التي لم تفلح في تهشيم الهوية الوطنية إلا جزئياً، فبدأت نزعة الاستياء والاحتجاج بالتفتح مجدداً بتأثير عاملينِ متضامنين جدلياً هما: بزوغ الهوية الوطنية واشتداد الحرمان بأنواعه.

من هذه اللحظة المفصلية التي اتضحت معالمها أواسط 2010م يبدأ هذا الكتاب طرحَ موضوعاته ورؤاه، إذ تتدرج مقالات الكتاب زمنياً لتلاحق أهم المعالم السيكوسياسية الرئيسة في المسار الاحتجاجي المتصاعد منذ انتفاضة "الكهرباء" في حزيران 2010م، مروراً بانتفاضة "جمعة الغضب" في 25 شباط 2011م، وصولاً إلى اندلاع الموجة الثالثة في تموز 2015م المستمرة حتى اليوم، وما تخللها من تقارب بين المدنيين والصدريين في ساحات الاحتجاج؛ لينتهي الكتاب بملحق عن اليسار واليساروية الاجتماعية في العراق.

استند فارس كمال نظمي في كتابه إلى فرضياتٍ عديدة تم التصدي لها تحليلياً، لعل أهمها:
1- إن التغيير السياسي القادم المرتقب في العراق إنما مصدره التآكل السريع والمستمر في شرعية النظام السياسي المُدرَكة لدى الفرد العراقي؛

2- وإن النزعة اليساروية الاجتماعية - مدنية كانت أم دينية- قادرة بمرور الزمن على اجتراح مسارت فكرية تجديدية تعيد وضع الدولة على مسار الديمقراطية الاجتماعية عبر إحياء مبدأ المواطنة المتساوية؛

3- وإن أحد الاحتمالات المطروحة - التي يتبناها هذا الكتاب- لإنقاذ العراق، هو قيام كتلة تاريخية تتجاور فيها المسميات الطبقية والدينية والمذهبية والعِرقية والحزبية، عمادُها البشري جماهيرُ اليسار المدني والديني، لنقل البلاد من البنية العنفية للإثنيات السياسية المتصارعة إلى البنية العقلانية للدولة الوطنية المدنية.

يعد هذا الكتاب بانوراما توثيقية وتحليلية أفلح الكاتب من خلالها في تتبع مسارات شائكة ومعقدة وأحياناً غامضة وملتبسة سلكتها النزعة الاحتجاجية في العراق بعد 2010.

فإلى جانب النزعة التحليلية للكتاب، فإنه يتخذ طابعاً تنظيرياً واستشرافياً للمآلات المحتملة للحركة الاحتجاجية، مقدماً عدة نماذج نظرية تصلح أن تكون مادة فكرية للنقاش والتداول على المستويات السياسية والثقافية والأكاديمية.
 *      *       *
 سيرة المؤلف
Biography
  • د. فارس كمال نظمي   
  • أستاذ جامعي، وكاتب، وباحث في سيكولوجيا الشخصية والمجتمع والدين والسياسة. 
  • دكتوراه وماجستير وبكالوريوس علم النفس، وبكالوريوس هندسة مدنية.
  • رئيس الجمعية العراقية لعلم النفس السياسي
  • عضو الجمعية الدولية لعلم النفس السياسي .
  • عضو الجمعية الأوربية لعلم النفس الاجتماعي.
  • عضو الجمعية النفسية الأمريكية.
  • عضو اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق.
  • عضو هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق.
  • صدر له عدة كتب منها:
-     الرثاثة في العراق: أطلال دولة.. رماد مجتمع 
-     الأسلمة السياسية في العراق: رؤية نفسية
-   المحرومون في العراق: هويتهم الوطنية واحتجاجاتهم الجمعية




Thursday, July 13, 2017

The Battle for Mosul has just begun: Reconstruction and National Reconciliation in post-ISIS Iraq

Prime Minister Hayder al-Abadi arrives in Mosul to declare its liberation-July 9, 2017
It is ironic that a sectarian and corrupt prime minister, Nuri al-Maliki, was responsible for Mosul’s seizure by the so-called Islamic State, but that an anti-sectarian, non-corrupt prime minister, Dr. Hayder al-Abadi, brought about its liberation from the Dacish.
Damage to Mosul during November 2016-June 2017 battle
Now that Mosul is no longer under Dacish control, most prognosticators argue that the terrorist group is down but not out, and that it will continue its activities in the form of suicide bombings and assassinations in Iraq, Europe and elsewhere.  Further, they rightly point out that much of the money designated for Mosul’s reconstruction will go instead into the pockets of powerful politicians. Experts estimate the cost for rebuilding the city at $700 million (https://www.nytimes.com/2017/07/09/world/middleeast/mosul-isis-liberated.html?_r=0)

Should the post-Mosul reconstruction process really be viewed in such negative terms?  Should analysts limit themselves to viewing Iraqi politics as a “spectator sport”?  Or should analysts become more proactive and begin to think of ways to address Iraq’s problems rather than simply focus on a supposed bleak future?

I would argue that the key variable in addressing both the successful rebuilding of Mosul and reintegrating Iraq’s Sunni Arab provinces culturally, politically and economically is national reconciliation.  National reconciliation (al-masaliha al-wataniya/المصالحة الوطنية) involves first and foremost creating a sense of trust among Iraqis.  Here the manner in which the Iraqi Army – the Counter-Terrorism Forces and Federal Police – defeated the Dacish provides an excellent starting point. 
Tent city for displaced Mosul residents
For the most part, Iraq’s armed forces acted very professionally in Mosul during their military campaign against the Dacish.  Civilians were treated with respect and given food, shelter (in tent camps) and medicine where needed.  The gratitude that most Moslawis have shown Iraqi officers and enlisted men provides strong evidence that initial bonds have developed between the local population and the Iraqi military (https://twitter.com/CENTCOMArabic/status/884844470461714432).

Based on the Mosul experience, where can the Iraqi government go from here? If Prime Minister    al-Abadi would follow up his tour of Mosul with some innovative policies, such actions could well serve to promote national reconciliation.  For example, the Iraqi government could make an effort to interview groups of Iraqi military and Mosul citizens together and broadcast these joint interviews on television and radio as well as on social media platforms such as Vimeo.
The UK distributes food to residents displaced from Mosul 
Such programs and visual imagery would send an important message to Iraqis that their government is serious about national reconciliation.  Iraqi civil society organizations, youth groups and local news media outlets would no doubt be pleased to participate in this effort. The activities just suggested would not require extensive funding. 

Another proactive measure that Prime Minister al-Abadi could take would be to invite Sunni clerics from the provinces most adversely affected by Dacish terrorism – Ninawa, Salah ad-Din, al-Anbar and al-Diyala – together with Shica clerics to participate in panels where they both condemn extremist attitudes and behavior.  Of course, Iraqi clerics would run circles around the Dacish showing how their so-called “fatwas,” or religious decrees, are either bogus or “cherry picked” interpretations of Islamic doctrine designed to validate terrorist behavior.

An important tradition - both religious and political - is for Shica and Sunnis to pray together as a sign of national unity and solidarity when Iraq faces sectarian violence.  This tradition finds its origins in the June through October 1920 Revolution against colonial rule when the British treid to pit the two sects against one another in an effort at "divide and conquer."  In July 2016, after the Dacish killed 250 Iraqis in a car bombing, Shica and Sunni Baghdadis came once more to pray together (https://www.washingtonpost.com/video/world/iraqi-sunnis-and-shiites-pray-together-in-a-show-of-unity/2016/07/06/671d9186-436f-11e6-a76d-3550dba926ac_video.html).

Iraqi troops assist an elderly women in Mosul
Many observers, both Iraqi and non-Iraqi, have pointed to the problem of corruption in the reconstruction process.  For some time, residents of al-Anbar Province have complained that funds allocated by Baghdad have not been received to help rebuild their cities and towns, such as Falluja and Ramadi.  This has not only created great resentment, but further undermined trust in the central government.

As former Iraqi Ambassador to the United States, Lukman Faily, has correctly observed, the most trusted person in Iraq is Grand Ayatollah Ali al-Sistani. The Iraqi government would be well served by appointing a trusted member of al-Sayyid Sistani’s Office as an Ombudsman to oversee Iraq’s reconstruction process. 

Mosul children free of the Dacish
If that Ombudsman would share authority with a respected cleric from the Sunni Awqaf (religious endowments), and a respected Christian cleric, then the population in the provinces of the so-called Sunni Arab Triangle would have much more confidence in the reconstruction process. Such an institutional arrangement would promote cross-ethnic and religious cooperation and expand trust as well.

The role of Iran and affiliated Shica militias in the battle against the Dacish is also an issue that must be addressed as part of the process of national reconciliation. The expansion of Iranian influence in Iraq’s domestic politics was given a boost - “shot in the arm” - after Mosul’s fall.  When the Iraqi Army collapsed in June 2014, after its betrayal by then Prime Minister Nuri al-Maliki and the local army high command, al-Sayyid Sistani called on the Iraqi people to arm themselves to protect again the Dacish which began to move south towards Baghdad after seizing Mosul.

The subsequent formation of militias in Baghdad and the south were primarily composed of Shica fighters.  Iran quickly sought to dominate the militia movement by providing funds, arms and training  to those militias which supported its interests in Iraq, namely the three most powerful groups controlled by Hadi al-Amiri, Abu Mahdi Muhandis and Qais Khazzali respectively.

There is little doubt that the militias played an important supporting role in defeating the Dacish, even if the bulk of the fighting in Mosul was done by the Iraqi Army, especially the Counter-Terrorism Forces and the Federal Police.  However, the 3 militias supportive of Iran have sought to politically exploit the struggle against the Dacish by seeking to be officially recognized as part of Iraq’s armed forces.  Clearly, they serve as a “Trojan Horse” for Iranian political interests in Iraq.

Efforts to prevent Iran from using the struggle against the Dacish to expand its political interests in Iraq requires a subtle response on the part of Prime Minister al-Abadi, and those cabinet ministers and politicians who are supportive of efforts to curtail Iranian interference in Iraq’s internal affairs.

The Iraqi government has been effusive in thanking Iran for its military assistance in fighting the Dacish and should continue to do so.  At the same time, the Iraqi government should begin a campaign in parliament and the media which emphasizes that, having expunged the influence of foreign fighters from Mosul and other Iraqi cities and towns, it now wants to prevent any future incursions by external political forces.  

This message should remain an on-going mantra without explicit mention of Iran.  The implicit message here would not be lost on Iraqis – Iraq want to pursue its political future without the interference of Iran.

The Iraqi government should try and integrate a portion of the Shica militiamen who have excellent combat skills into the Iraqi Army.  They should be offered positions in separate units, rather than being allowed to form a unit of their own.  Thus the Iraqi Army would benefit from skilled fighters who are battel tested, and provide employment for them, a key incentive for many men who joined the irregular militias.

Beyond these efforts, the Iraqi government should continue to work with the US and its coalition partners from the EU and the MENA region to train Iraq’s armed forces.  The strongest bulwark against politicization of the military is one which promotes a vision of  itself as a professional institution designed to defend the nation but not to interfere in politics.

Iraq’s conscript army, which the US very foolishly disbanded in 2003, was comprised of an ethnically integrated office corps.  I have conducted numerous interviews with Shica, Sunni and Kurdish officers who all stressed the good relations which existed among all three ethnoconfessional groups in the conscript army.  To develop once again an officer corps and military units which contain troops from all Iraq’s ethnic groups will serve Iraq well in the future, not just to prevent attempts at a coup d’état, but to resist foreign interference in Iraq’s military and domestic politics.

Finally, there is the problem of the Kurds.  The KRG referendum on declaring an independent state will occur on September 25, 2017.  Undoubtedly, it will be approved by a majority vote.  Whether the referendum will mean the separation of Iraq’s three majority Kurdish provinces from Iraq and the formation of a new nation-state is another question all together.

A serious effort in Baghdad to use the military victory over the Dacish to sustain some form of political relationship between Baghdad and the KRG might work to prevent separation.  It should be remembered that the Pesh Merga, like the Iraqi Army, suffered many casualties protecting the KRG from the Dacish following the fall of Mosul in 2014. 

The Pesh also fought with the Iraqi Army against the Dacish in the north suffering many casualties.  At present the KRG is providing refuge for a large number of Moslawis and other DPIs from north central Iraq as a result of Dacish terrorism which drove them from their homes. The number of DPIs in the KRG and elsewhere has dramatically increased following the 9 month battle for Mosul.

While a topic for another post, an effort to create a truly federal Iraq, which would benefit both Arabs, Kurds and other minorities, such as Turkmen, Christians and Yazidis, is a precondition for creating a durable political system acceptable to all ethnoconfessional groups.  For those who argue that federalism is alien to the MENA region, the UAE belies that argument, given its 45 year history as a successful federal nation-state.    

As I have argued before, Iraqis should examine the Canadian model where Quebec was convinced not to succeed from Canada once it felt a meaningful federalism had been established by the central government.  Language and cultural rights were established which placed French speaking Canada on par with English speaking Canada.  For example, a Canadian university student of French heritage can submit examinations and research papers in French anywhere in Canada and the educational institution which that student attends must accommodate her or him.

At the end of the day, Iraq’s national reconciliation and reconstruction – in its cultural-political as well as material dimensions – must come from Iraqis themselves.  Iraqi youth – 70% of the population under the age of 30 – have already begun the post-Mosul reconstruction process.  They are in the forefront of organizing meetings between Moslawis and other Sunni Arab residents in the north with Shica in the south. (https://www.youtube.com/watch?v=ggPYla9IRqE)

Mosul Library destroyed by  Da'ish
These meetings are designed to show Sunnis that the Shica welcome good relations with them and do not harbor hostile feelings towards them.  Youth are also actively involved in restocking the Mosul libraries destroyed by Dacish terrorists (http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2017/07/iraq-library-mosul-university-books-culture.html).

Iraq is a resilient country with a remarkable people who represent a rich and diverse cultural heritage.  Over the past half century, Iraq suffered a military coup d’état in 1958, a vicious Bacthist putsch in February 1963, 35 years of brutal rule under Saddam Husayn and the Bacth Party, a highly destructive war with Iran from 1980-1988, the Gulf War of 1991, followed the March 1991 uprising (al-Intifada), the US invasion of 2003 followed by 5 years of civil strife, and then 3 years of control of Mosul and other towns in the Sunni majority provinces of the north by Dacish terrorists.

In the final analysis, does Iraq have the political will – both on the part of its citizenry and politicians – to seize the moment and finally realize its potential as a nation-state?