Friday, January 30, 2015



The following is the Arabic translation of my post, "Charlie Hebdo and the murders in France: Is there a problem with Islam?," which was published by al-Mada newspaper in Iraq on Jan. 21, 2015.  I would like to thank my colleague, Dr. Faris Kamal Nadhmi, and the Editor-in-Chief of al-Mada, Fakhri Karim, for translating and publishing my post
 
جرائم شارلي إيبدو : هل هناك مشكلة مع الإسلام ؟

أريك دافيس/ترجمة المدى

تأتي جرائم القتل المروعة التي تم تنفيذها على كادر مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة وفي مركز كوشر للتسوق في باريس، بعد تنفيذ عدد من الهجمات باسم الإسلام، تتمة لهجمات سابقة نفذّها  أفراد كالهجوم على مقهى في سيدني بأستراليا و البرلمان الكندي في أوتاوا، كما أنها تتضمن هجمات من قبل منظمات كالهجوم على مول ويست غيت في نيروبي، وفي كينيا على يد الشباب ، و خطف 200 طالبة مدرسة والقتل الجماعي شمال شرق نيجيريا من قبل بوكو حرام ، و قطع رؤوس الصحفيين الغربيين و عمّال الإغاثة  إضافة إلى قتل القوات العراقية و رجال العشائر على يد تنظيم داعش في سوريا و العراق . 
 
كيف ينبغي لنا ان ننظر إلى هذا العنف الذي يتّسم بالوحشية و العشوائية ؟
لنبدأ بالسؤال : ما هي الفئات التي تستخدمها وسائل الإعلام و المحللون في وصف ما حدث في باريس و غيرها؟ الفئة الأبرز استخداما لوصف أعمال العنف أعلاه هي فئة الجهاد. الإرباك الذي سبّبه التركيز على هذا المصطلح – بدلا من المفاهيم الأساسية الأخرى – يحتاج إلى معالجة.
 
أولا، ان مفهوم الجهاد حدّده المتطرفون المتشددون، و قد استخدم تفسيرهم لتبرير الهجمات على مجموعة واسعة من الأهداف. ثانيا، هؤلاء المتطرفون يزعمون ان الجهاد هو محور الإسلام، لكي يبينوا لغير المسلمين ان الإسلام هو دين قائم على العنف . إذا اعتبرنا ان هناك محلّلين في الغرب يعادون الإسلام لعدة أسباب، فسوف ننتهي في نهاية المطاف إلى توافق مصالح ضار بين المتطرفين الذين يعملون باسم إسلام مشوّه اخترعوه، من جهة، و بين غير المسلمين المعادين للإسلام من جهة أخرى . ان المغالطة في تصنيف جرائم القتل التي وقعت في باريس، و غيرها من العنف والجرائم التي قام بها المتطرفون المتشددون، تحت مفهوم الجهاد هي ان الجهاد لا علاقة له بالعنف في معناه الأساسي. 
 
كما يعرف الكثيرون فإن الكلمات في اللغات السامية ( مثل الآرامية و العبرية و العربية ) مبنية على جذر من ثلاثة أصوات صحيحة، و في هذه الحالة فان الفعل (جهد) يعني ببساطة بذلَ جهدا . لقد ميّز الإسلام بين الجهاد الأكبر و الجهاد الأصغر؛ الأول يتطلب من المؤمن ان يبذل جهده للتقرّب إلى الله، إنها عملية روحانية لا علاقة لها باستخدام القوة. أما الجهاد الأصغر فانه يدعو المسلم للدفاع عن الأمة الإسلامية عند تعرّضها لتهديد أو هجوم . لغرض توضيح البعد بين مفهوم الجهاد و مفهوم العنف، علينا ان نلاحظ مفهوم الاجتهاد – أي استخدام العقل البشري في تفسير و تطبيق تعاليم الإسلام- و هو مشتق من الفعل جاهدَ. علاوة على ذلك، 
 
فان رجل الدين في المذهب الشيعي يعرف بالمجاهد – و هو الشخص الذي يمتلك فهما و خبرة دينية صحيحة لتطبيق فكرة الجهاد . 
مع ذلك، فان مغالطة الإشارة إلى العنف الذي يمارس باسم الجهاد تذهب إلى أبعد من تعريفها المنصوص عليه في الإسلام. أولا، من بين مسلمي العالم الذين يبلغ عددهم 1.6 مليار، ترفض الأغلبية الساحقة تطبيق مصطلح الجهاد على الفظائع التي ارتكبها الأخوان كواتشي في باريس و غيرها من الممارسات التي ذكرت أعلاه. ثانيا، هناك قلة فقط من الذين يعتبرون أنفسهم مسلمين ينخرطون في العنف الوحشي العشوائي الذي شهده العالم على مدى العام الماضي. ان استخدام مصطلح الجهاد كما يعرّفه المتطرفون يشابه تعريف المسيحية من قبل محاكم التفتيش الإسبانية و الإيطالية ، و أعمال قتل الأميركان من أصول أفريقية على يد منظمة كوكلوكس كلان - التي تتخذ من الصليب المحروق رمزا لها - و أعمال منظمات التفوق المسيحي الأبيض في الولايات المتحدة مثل الأمة الآرية و بوسيه كوميتاتوس ، أو اعتصام الجنازات العسكرية من قبل كنيسة ويستبورو المعمدانية المعادية للسامية .
 
 ثالثا، ان الأغلبية العظمى من المتطرفين المشاركين في الأعمال الوحشية كالتي وقعت في باريس، لا يعرفون شيئا عن الإسلام الحقيقي. في الواقع، و في أغلب مناطق الغرب، غالبا ما يكون الذين يرتكبون أعمال العنف ضد مدنيين أبرياء، من الشباب الذين يعرفون عن الثقافة الغربية أكثر مما يعرفون عن الثقافة الإسلامية . أمضى محمد عطا – الذي قاد هجمات الحادي عشر من أيلول – مساء يوم الثامن من أيلول 2001 يحتسي الشراب في أحد البارات في هوليوود و يمارس ألعابا على الفيديو، حيث بلغ هو و رمزي بن الشهب و رفيق آخر غير معروف درجة الثمالة – و هو أمر لا يتوقعه أحد من مسلم متديّن. بنفس الشكل، كان الأخوان كواتشي – سعيد و شريف –يتيمين و من صغار المجرمين و معروف عنهما تدخين الماريجوانا وعشقهما لرقص الراب قبل أن يقعا تحت تأثير رجل دين متطرف – فريد بنيتو – و مسجد الدعوة في منطقة ستالين غراد في باريس. شجّعهما بنيتو – الذي لديه علاقة بتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية – على الذهاب إلى اليمن للتدريب العسكري (ديلي ميل ، 11 ك2 ، 2015 ) . مرة أخرى، لم تكن هناك علاقة بين الدوافع الاجتماعية والسياسية وراء هجمات الأخوين كواتشي و بين الدين، وإنما كانت لها علاقة قوية بوعود بينيتو في جعلهما من كبار الرجال.
 
هنا نبدأ التطرّق إلى شرح أكثر إقناعاً للإرهاب الذي نراه يمارس باسم الإسلام. شباب لا يمتلكون الكثير من الثقافة، مع انعدام فرص العمل، لا أمل لهم في المستقبل يقعون تحت تأثير المتطرفين المتشددين ثم تبدأ تغذيتهم بمجموعة من الأفكار المشوهة و إفهامهم بأن أعمال العنف " تحمي المسلمين " و تقود إلى " الشهادة ". 
 
بعيدا عن الجهاد و التطرّف الإسلامي ، فان أحد المفاهيم الرئيسية التي غابت عن معظم التحليلات في وسائل الإعلام هو الطبقة الاجتماعية. كان العنف الذي مارسه الأخوان كواتشي هو عنف اثنين من الشباب المسلمين المهمّشين اللذين كانا إما عاطلين عن العمل أو يعملان بشكل متقطع. كانا يعيشان في منطقة من باريس معزولة إلى حد كبير عن المجتمع الفرنسي التقليدي . المجموعة الأخرى من المتغيرات التي غابت عن مناقشة العنف الإرهابي هي انهيار الأيديولوجيات العلمانية. ترتبط الليبرالية الغربية على نحو متصاعد مع ارتفاع مستويات عدم المساواة و تراجع الخدمات الاجتماعية و انعدام الحساسية بالفروق الثقافية. بنفس الشكل، تبدو الاشتراكية وانها ستراتيجية قضت تاريخيا، حيث ينظر إليها على أنها نتاج حكم استبدادي و فساد دولة واسع النطاق وانعدام التنمية الاقتصادية . مع المعدلات العالية للهجرة بين البلدان، الناتجة عن انعدام الفرص الاقتصادية و التعليمية ، 
 
فقد تقوض الشعور بالوطنية أيضا. عند مقارنة داعش وجبهة النصرة في سوريا مع الحركات المبكرة مثل حركة ماو ماو و حزب العمال الكردستاني و القوات الثورية الكولومبية أو الجبهة الشعبية – التي سعت كل منها إما إلى السيطرة على دولة سيادية موجودة أو تأسيس دولة جديدة – نرى ان المنظمات الإرهابية الحالية ترفض نموذج الدولة القومية ذات السيادة التي تقدّس الغرب بكل أبعادها . بالنسبة إلى مجموعة داعش، فان " خلافتها " هي الشكل الوحيد المقبول لمنظمة سياسية، و مثل الرايخ الثالث، المقصود منها ان تضم العالم بأسره في نهاية المطاف. 
 
الأخوان كواتشي هما مجندان مثاليان لمنظمات مثل داعش، فكلاهما يتيمان هاجر والداهما من الجزائر لكنهما توفيا عندما كان الأخوان صغيرين . بما أنهما غير مقبولين من كلا المجتمعين، الجزائري و الفرنسي، فلم تكن لهما علاقات عاطفية قوية تربطهما بأي من الدولتين. و لكونهما يعملان بشكل متقطع و مهمشين ثقافيا في فرنسا، فانهما يمثلان جيلا جديدا من الشباب العابر للحدود الذي لا دولة له والذي يعتبر نموذجا ممتازا للتجنيد في الحركات الإرهابية . 
 
زعم بعض المراقبين ان هناك حاجة للتعليم كوسيلة للتغلّب على التهميش الذي تعانيه أعداد كبيرة من شباب العوائل المهاجرة خاصة من الجزائر – المستعمرة الفرنسية القديمة. لكن مع هذا، فان التعليم بلا توظيف يعتبر شرطا ضروريا لكنه ليس كافيا لمواجهة الإرهاب. ما لم يحصل سكان فرنسا المسلمون على فرصة للارتقاء والتخلص من الطبقات الدنيا، فانهم سيظلون أرضا خصبة يمكن ان يستغلها المتطرفون المتشددون لترويج العنف. 
 
يجب ان يقر الاتحاد الأوروبي بأن مشكلة المجتمعات المهاجرة – سواء في فرنسا أو الدنمارك أو المملكة المتحدة أو السويد و غيرها من بلدان أوروبا التي تتواجد فيها مشكلة الاندماج الاجتماعي الثقافي – هي مشكلة أوروبية وليست مقصورة على بعض بلدان الاتحاد. تمويل الاتحاد الأوروبي لمنظمات المجتمع المدني، التي توفر فرصاً للشباب من مختلف الديانات و الخلفيات العرقية ، يمكن ان يبدأ عملية تجعل كافة المجتمعات تشعر بأنها جزء من الاتحاد الأوروبي . في إسبانيا ، شكّل الشباب الإسباني المسيحي و العلماني منظمات تحاول التواصل مع مهاجري شمال أفريقيا الذين جاءوا لإسبانيا للانخراط في الأعمال الزراعية، لكنهم يعيشون في أحياء حضرية تقل فيها فرص الاندماج بالمجتمع الإسباني الأكبر. استخدم هؤلاء الشباب الذاكرة التاريخية لأندلس المسلمين التي شهدت تركيبة غير اعتيادية من التعاليم الإسلامية و المسيحية و اليهودية قبل استرجاعها في ظل حكم الملكة أيزابيلا التي طردت السكّان المسلمين و اليهود بعد عام 1492. 
 
بالعودة إلى السؤال: هل هناك مشكلة مع الإسلام ؟ أولا، عندما نشير إلى المتطرفين المتشددين، فان مصطلح " الإسلام المتطرف" هو مصطلح خاطئ كخطأ استخدام مصطلح " اليهودية المتطرفة" أو " المسيحية المتطرفة". ما نتحدث عنه حقيقةً هو تسييس الدين. المصطلح المناسب هنا هو الإسلاموية وليس الإسلام. كما هي الحال مع اليهودية و المسيحية، ففي الإسلام أيضا ليست هناك متطلبات سياسية كي تصبح منتسبا لدين ما. و كما هي الحال مع الدين المسيّس، فان السياسة تأتي في المقدمة – بمعنى السعي للسلطة و النفوذ الاقتصادي – و بعد ذلك تأتي التعبئة الدينية، بطريقة مشوهة ، للمساعدة في تسهيل تحقيق الأهداف السياسية و الاقتصادية ، كما فعلت منظمة كوكلوكس كلان . في نفس الوقت، فان رجال الدين المسلمين المعتدلين بحاجة إلى المزيد من المساعدة في محاربة العنف و الدعاوى الفوضوية لرجال الدين المتطرفين الذين يعرضون دينا مخترعا. المسجد هو دار للعبادة و ليس مكانا لتجنيد الشباب من الذكور و الإناث لقتل أولئك الذين يشعر رجال الدين المصطنعون بوجوب قتلهم. 
 
على فرنسا و الاتحاد الأوروبي و كافة بلدان العالم إما تعزيز أو تمرير القوانين التي تعاقب بشدة الذين يستخدمون الدين كملاذ لتعزيز الكراهية و العنف، كما قمعت الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة منظمة كوكلوكس كلان في سنوات الستينات و أنهت عهدها الإرهابي ضد الأميركيين الأفارقة . حاليا، يعتبر إيقاف أولئك الذين يقتلون الآخرين على أساس العرق أو الدين أمرا مهما للغاية. مع ذلك، فان معالجة العوامل الكامنة التي تدفع الشباب المسلم إلى الانخراط في هذا النوع من الأعمال المروعة، كالتي شهدناها قبل أيام في فرنسا، تعتبر أمرا بالغ الأهمية من أجل إيقاف ومنع انتشار العنف الإرهابي الذي يمارس في ظل الفهم الخاطئ للإسلام .
عن: وورلد تريبيون


No comments: